استمرت الفنانة اللبنانية صباح التي غيبها الموت فجر الأربعاء عن 87 عاما تقاوم الشيخوخة بالغناء والحفاظ على أناقتها واستمرارية حضورها الإعلامي حتى الرمق الأخير وذلك بعد أن طبعت أغنياتها وأعمالها المسرحية والسينمائية تاريخ الفن اللبناني والعربي على مدى أكثر من ستين عاما.
ولدت صباح او جانيت فغالي في بلدة بدادون اللبنانية شرق بيروت في 10 نوفمبر 1927، وكانت الثالثة بين إخوتها. أحبت الغناء والتمثيل منذ طفولتها، واكتشف عمها موهبتها وعذوبة صوتها الجبلي.
وارتبط اسم صباح بغناء المواويل والميجانا والعتابا والأغنيات البلدية الفولكلورية، وفي سجلها أكثر من ثلاثة آلاف أغنية.
غنت صباح التراث اللبناني والحب والوطن لكبار الشعراء والملحنين في العالم العربي، بينهم محمد عبد الوهاب وزكي ناصيف والأخوان رحباني وتوفيق الباشا وبليغ حمدي وجمال سلامة وسواهم.
ومن أغنياتها المعروفة التي لا يزال يرددها الكبار والصغار "تعلى وتتعمر يا دار" و"دخل عيونك حاكينا" و"جيب المجوز يا عبود" و"ساعات ساعات" و"عالضيعة".
وصباح التي لقبت ب"الشحرورة" و"الاسطورة"، هي أول فنانة لبنانية غنت على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية في منتصف السبعينات. كما اعتلت خشبات مسارح عالمية أخرى كأرناغري في نيويورك، ودار الأوبرا في سيدني، وقصر الفنون في بلجيكا، وألبرت هول في لندن، وغنت على مسارح لاس فيغاس في الولايات المتحدة.
وبفضل المنتجة اللبنانية الاصل آسيا داغر، دخلت صباح السينما المصرية في العام 1943 وأطلت في فيلم عنوانه "القلب له واحد" للمخرج هنري بركات.
وتوالت بطولات صباح السينمائية حتى شاركت في نحو 85 فيلما مع كبار الممثلين، بينهم رشدي أباظة الذي تزوجته لفترة وجيزة، وأحمد مظهر، ومحمد فوزي، وفريد الأطرش. وكانت تعتبر أن أفضل ادوارها السينمائية كان فيلم "الأيدي الناعمة".
وأطلت صباح في 27 مسرحية بينها "موسم العز" و"دواليب الهوا" و"القلعة" و"الشلال" و"فينيقيا" و"شهر العسل" و"ست الكل" و"وادي شمسين". و"كنز الاسطورة" هي آخر مسرحية قدمتها مع زوجها السابق فادي لبنان.
وحملت صباح، إضافة الى الجنسية اللبنانية، ثلاث جنسيات أخرى هي المصرية والأردنية والأمريكية.
وكانت صباح على صلة وثيقة بعدد من الرؤساء والملوك العرب الذين قدروا فنها. وكانت صديقة لأسرة الراحل الملك حسين.
وإلى جانب صخب حياتها الفنية، عاشت حياة صاخبة على الصعيد العاطفي، حتى أنها حملت لقب "مدام بنك" لشدة كرمها مع عشاقها من الرجال، إذ عُرف أنها تزوجت 13 رجلاً، إذ تزوجت أول حياتها نجيب شماس (والد ابنها الدكتور صباح شماس) في عام 1944 وكان عمرها آنذاك 19 عاما وقضت معه 5 سنوات وجد أحفادها الاثنين ناجي ودانييل وتعيش عائلة شماس الآن في الولايات المتحدة.
ثم تزوجت خالد بن سعود بن عبد العزيز آل سعود في 1950 قضت معه عدة أشهر وحصل الطلاق بسبب ضغط من عائلة زوجها لتطليقه منها. والأمير خالد تزوج أيضا الفنانة شمس البارودي لثلاثة أشهر والفنانة سهير رمزي واستمرت الزيجة لعام واحد.
ثم تزوجت أنور منسي وهو من أشهر عازفي الكمان في مصر ووالد إبنتها هويدا في عام 1952 وقضت معه 4 سنوات؛ عملت هويدا كممثلة ومعلمة رقص وتعيش حاليا في الولايات المتحدة.
أحمد فراج وهو مذيع مصري عاشت معه صباح لمدة ثلاثة أشهر فقط فكان عام 1960 والذي اشترط على صباح عدم تقديم الأدوار الساخنة أو القبلات في أفلامها، إلا أنه لم يتحمل غيرة الشهرة وأضواء السينما فطلقها.
الفنان رشدي أباظة في عام 1967 وقضت معه خمسة أشهر.
الفنان يوسف شعبان واستمر الزواج شهرا واحد في 1968.
أمير عربي لم تفصح صباح عن هويته وذلك في 1969.
النائب اللبناني المعروف يوسف حمود في 1971 واستمرت الزيجة سنتين.
وتزوجت أيضاَ فادي لبنان الراقص بالفرقة اللبنانية للفنون الشعبية والممثل والمطرب عام 1986 واستمر زواجهما الذي يعتبر أطول زواج للصبوحة 17 عاماً.
وقد انتشرت شائعة بعد طلاقها من فادي لبنان أنها تريد الزواج بملك جمال لبنان عمر محيو وكان عمره 25 سنة في 2004 وتبين إنها كانت تساعده على الدخول إلى المعترك الفني واختلقت قصة الحب والزواج وحاولت مساعدته فنيا، وقد أنكرت هذه الإشاعة وتقول لو كنت أصغر بقليل لتزوجته.
كما قيل أيضا أنها كانت تستعد للزواج من جوزيف غريب مصفف شعرها الخاص في 2009 وهم ما لم يحدث بعد ذلك.
ولم تتوان صباح التي عرفت بشخصيتها الصادقة والجريئة، عن الاعتراف في حديث تليفزيوني أنها خانت معظم أزواجها مع رجال آخرين لأنهم كانوا يخونونها أيضا. ورأت أن غالبية أزواجها كانوا يستغلون شهرتها وثروتها لمصالحهم.
وعرفت صباح بكرمها، وكانت تنفق المال بسخاء على من تحب وتساعد من يحتاج، لذلك كان يطلق المقربون منها عليها لقب"مدام بنك".
واتسمت علاقتها بابنتها بشيء من التوتر. واعترفت صباح بان شهرتها عذبت ابنتها، وان تجربتها مع أزواجها أثنت هويدا عن الزواج.. وحين أصيبت هويدا بأزمة صحية نتيجة إدمانها في العام 2006 باعت صباح منزلها، وأقامت في فندق وأدخلت ابنتها إلى مستشفى في كاليفورنيا... حتى تماثلت للشفاء.
وكانت صباح رمزا للأناقة، وعرفت بشعرها الاشقر الغزير المتدلي على كتفيها حتى ارتبطت تسريحتها باسمها، وكانت تردد "أتمنى إذا خسرت ثروتي ألا أخسر جمالي وأناقتي".
ورغم تقدمها في السن، رفضت ان تشيخ وان تعتزل الغناء، واستمرت في إجراء المقابلات والمشاركة في الاحتفالات الفنية. ومن آخر أغنياتها "شو فيها الدني" التي تم تصويرها بطريقة الفيديو كليب.
عبّرت صباح عن سعادتها لحصولها على جوائز تكريمية عدة خلال سنوات حياتها الأخيرة. وكرمها رئيس الجمهورية اللبنانية السابق ميشال سليمان بتقليدها وسام الأرز الوطني برتبة ضابط أكبر ضمن مهرجانات بيت الدين 2011.
وكان عرض في العام نفسه مسلسل "صباح" الذي أثار جدلا حول دقة سرده لمحطات معينة
Top
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق