البركة هي جوامع الخير، وكثرة النعم، فلا غرابة بعد ذلك أن نجدنا نطلب البركة ونسعى إليها، فالبركة هي الزيادة والنماء. فالبركة في المال زيادته وكثرته، وفي الدار فساحتها وسكينتها وهدوؤها، وفي الطعام وفرته وحسنه، وفي الأسرة انسجامها وتفاهمها، وفي الوقت اتساع وقضاء الحوائج فيه، وفي الصحة تمامها وكمالها، وفي العمر طوله وحسن العمل فيه، وفي العلم الإحاطة والمعرفة. فما هي الوسائل التي نكتسب بها البركة: 1- القرآن: وصفه رب العزة بأنه مبارك فقال: ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ. )( الأنعام: 92 )، وقال : "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة" . 2- التقوى والإيمان: لا شك أنها من الأمور الجالبة للبركة، فقال سبحانه : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ..) ( الأعراف: 96 ) ، والزوج يجد البركة بتقواه مع زوجته وأولاده ورزقه وحلاله. 3- التسمية: وتكون في بداية كل عمل لمنع إشرك الشيطان فيه، قال -صل الله عليه وسلم-: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله تعالى عند دخوله، وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء"، فالتسمية تبارك في أعمالنا وتجعلها خالصة من رجس الشيطان وشره. 4- الإجتماع على الطعام: جعلت البركة على الطعام الذي يجتمع عليه الناس، قال -صل الله عليه وسلم- : "طعام الإثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة"، ويظهر هذا واضحاً في إفطار رمضان حيث تزداد بركة الطعام بازدياد عدد المجتمعين عليه. 5- السحور: لقوله -صل الله عليه وسلم- "فإن في السحور بركة"، والبركة هنا الأجر والثواب، وتحمّل الصوم، والتقوي على طاعة الله. 6- ماء زمزم: وهذه العين المباركة التي خرجت في أرض جافة ليس فيها ماء ومن وسط الجبال ولم تنقطع، هي عين مباركة، بل وقد قال عنها – صل الله عليه وسلم -: "يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم -أو قال لو لم تغرف من الماء- لكانت عيناً معيناً" أي: أنها كانت لو لم تغرف منها أكثر غزارة بكثير. 7- زيت الزيتون: شجر الزيتون شجر مبارك وصفه الله بالقرآن كذلك في سورة النور: "..الْمِصْبَاحُفِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ.."، كما يعرف زيت الزيتون بأنه علاج نافع لكثير من الأمراض. 8- ليلة القدر: لا يخفي على أحد ما في هذه الليلة من البركة، فيجمع فيها رب الأسرة أفراد أسرته ويحدثهم بفضلها وبركاتها ورحماتها، ثم يصلون معاً ويذكرون الله تعالى في هذه اليلة المباركة، : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ) ( الدخان: 3 ) ، قيل هي ليلة القدر. 9- العيدين: يبدؤه الناس بصلاة العيد يشكرون الله فيها على ما أعطاهم من نعمه الكثيرة فيبارك لهم في هذه النعم ويزيدها وينميها لهم. 10- الأكل الحلال: هو الأكل الطيب الذي يبارك الله فيه، قال : "أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً" [صحيح الجامع 2744]، فالمال الحرام لا يبارك الله به ولا يعود على صاحبه إلا بالفقر والنقص. 11- كثرة الشكر: وهي واضحة في قوله تعالى : (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ )( ابراهيم: 7 )، والزيادة هنا زيادة في كل شيء سواء بالمال أو الصحة أو العمر إلى آخر نعم الله التي لا تعد ولا تحصى. 12- الصدقة: التي يضاعفها الله تعالى إلى عشر أضعاف، والله يضاعف لمن يشاء، فلا شك أنها تبارك مال الإنسان وتزيده، : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الَّلهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَالَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَالَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )( البقرة: 261 ) ، وقال -صل الله عليه وسلم-: (الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسيئة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها). 13- البر وصلة الرحم: كما أخبر النبي : وصلة الرحم وحسن الجوار أو حسن الخلق يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار". 14- التبكير: ويكون في استيقاظ الإنسان باكراً وابتداء أعماله في الصباح الباكر. 15- الزواج: أحد الأسباب الجالبة للبركة، وقد كان بعض السلف الصالح يطلبون الزواج لكي يتحقق لهم الغني ويأتيهم الرزق، لأنهم فهموا ذلك : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ الَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّلهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( النور: 32 ) ، وكذلك : (وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ). 16- التخطيط: إن الله تعالى قد وعد نبيه بالنصر مسبقاً وبشره به، فكيف يمكن بعد ذلك لأي كان أن يعطل التخطيط والإعداد بمظنة منه أن البركة هي التي تسهل الأمور في حياته؟ وهل نرى اليوم العائلات تخطط لمستقبلها ومستقبل أبنائها، أم أنها تدع الأمور "على البركة". لا شك أنا بحاجة لإعادة النظر في هذا المفهوم وبحاجة أن نخطط ونستعد للمستقبل وبعد ذلك نتوكل على الله ونطلب منه البركة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق