ذُكر الموت في القرآن الكريم (165) مرة على اختلاف مشتقاتها ، منها قوله تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ). ويقول الشيخ الغزالي في تعريفه للموت : هو طور آخر من الأطوار ، ونوع آخر من الترقي ، وضرب آخر من الولادة ، والانتقال من عالم إلى عالم . و يقول الشيخ أبن عربي عن الموت :هي مفارقة الروح الجسد الذي كانت به حياته الحسية وهو طارئ عليهما بعدما كانا موصوفين بالاجتماع الذي هو علة الحياة . ويقول الشيخ أحمد بن علوان : قال العلماء عن الموت : ليس بعدم محض ولا فناء صرف وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقة وحيلولة بينهما وتبدل حال ، وانتقال من دار إلى دار . ويقول الشريف الجرجاني الموت : هو صفة وجودية خلقت ضداً للحياة . ويقول الشيخ محمد المجذوب : الموت عند أهل الحق : إنما هو انتقال الروح من دار إلى دار . أنـواع الــمـــوت : الموت الأحمر: هو مخالفة النفس والهوى والطبع والشيطان والدنيا والخروج عن الخلق وترك ما سوى الحــق عز وجل . الموت الأبيض: هو الجوع لأنه ينور الباطن ويبيض وجه القلب فإذا لم يشبع السالك بل لا يزال جائعاً فقد مات بالموت الأبيض فحينئذ تحي فطنته لأن البطنة تميت الفطنة فمن ماتت بطنته حييت فطنته . الموت الأخضر: لبس المرقع من الخرق الملقاة التي لا قيمة لها فإذا قنع من اللباس الجميل بذلك واقتصرعلى ما يسترعورته وتصح فيه الصلاة فقد مات بالموت الأخضر لاخضرار عيشه بالقناعة ونظرة وجهه بنضرة الجمال الذاتي الذي حيي به واستغنى عن التجمل العارضي . الموت الأسود : هو احتمال الأذى من الخلق لم يجد في نفسه حرجاً من أذاهم ولم تتألم نفسه بل تـلـتـذ بــه لكونه يراه من محبوبه . الموت الاختياري : وهو موت في حياة دنياوية وهو الأجل المقضي في قوله تعالى : ‏{‏‏ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 2‏]‏الموت الاصلي : هو الموت الذي لا عن حياة متقدمة في الموصوف بالموت وهو قوله تعالى: ‏{ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً } فهذا هو الموت الأصلي وهو العدم الذي للممكن إذ كان معلوم العين للــه ولا وجود له في نفسه. الموت العارض : هو الذي يطرأ على الحي فيزيل حياته وهو قوله تعالى : : { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } (البقرة - 28 ) . الـــوفـاة : وكلمة الـوفـاة وردت في القرآن الكريم (25) مرة باشتقاقاتها المختلفة منها قوله تعالى: { تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } (يوسف:101) وفي المحيط في اللغة الوفاة أي الاستيفاء والاستقصاء وتوفاه أي استوفاه وتوفيته استوفيته أما في تهذيب اللغة : وتوفاه الـله إذا قبض نفسه وقال غيره : تَوَفِّي الميت بمعنى: استيفاء مُدَّته التي كُتبت من عدد أيامه وشهوره وأعوامه في الدنيا ويقال : تَوَفَّيْت المال منه واستوفيته إذا أخذته كله ومن هــذا قــول اللـه جل وعز : (الـله يَتَوفَّى الأَنْفُسَ حِين مَوْتها) أي : يستوفي مُدد آجالهم في الدُّنْياوقيل : يستوفي تمام عددهم إلى يوم القيامة وأمّا تَوَفِّي النائم فهو استيفاء وقت عقله وتمييزه إلى أن نام . والمعنى المقصود أنه لم يبق عليه شيء ومن هنا نقول أن الوفاة في المعنى الدنيوي أبلغ وأكبر من الموت فنجد أن كثيراً من الذين ماتوا وبعد ساعات رجعوا إلى الحياة الدنيا كما مع العزيز والذي قال اللـه تعالى فيه : { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ( البقرة 259 ) . فذكر عنه أنه (أماته) ولم يقل (توفاه) ولو قال توفاه لما جاز في سنة اللـه عزوجل أن يرجع إلى الحيــــــاة الدنيا ودليلنا من الآية الكريمة التي تدل على أن الوفاة بالمعنى والتعبير القرآني إنما هو القضاء بالمــــوت لا مجرد الموت وحده في قوله سبحانه : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَــلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } ( الزمر 42 ) .
 

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

 
منوعات بوست © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger
Top