رجل فلسطيني قضّ مضاجع كل أجهزة الأمن الصهيونية، منذ أواخر الثمانينيات، حيث عجزت كل محاولات الإمساك به أو اغتياله، رغم أنه تم تسخير كل قوة الأجهزة وعملائها لأجل ذلك.
محمد ضيف..
هو القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الذي أعلن قبل يومين في رسالة نادرة بثتها فضائية الأقصى، بداية تطهير المسجد الأقصى. وتوعد إسرائيل بأسر جنودها، وتكبيد "الاحتلال ثمنا باهظا حال توغله بريا في قطاع غزة". وقال: "عملية حجارة السجيل جاءت بعد إعداد متواصل وجهد وعرق ودماء بذلك في التدريب والتصنيع بعد حرب الفرقان".رسالة كان لها تأثير على العدو لأنه يدري جيداً من هو محمد ضيف، أو "أبو خالد. ضيف"، واسمه الحقيقي محمد دياب إبراهيم المصري.
ويعدّ "ضيف" المسؤول الأول عن العديد من عمليات المقاومة ضدّ الاحتلال الصهيوني، ومن ضمنها عمليات الانتقام للشهيد المهندس يحيى عياش، والتي أدت الى مقتل أكثر من 50 إسرائيلياً في بداية 1996.
رجل يعمل في الظل، يمتاز بكثرة الحيطة والحذر في تحركاته. الحلقة المقربة منه ضيقة للغاية.
يصفه البعض بالشبح، لأنه لا يُرى، ولكن يترك آثاره من خلال أعماله الفدائية. يتصل هو بمن يريده من الرفاق، ومن باب الحيطة لا يتعامل مع أجهزة الاتصالات الحديثة.
درس ضيف العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث انضم الى جماعة الإخوان المسلمين، التي أنشأت في وقت لاحق حركة المقاومة الإسلامية «حماس». وانخرط في صفوف «حماس»، وكان من أبرز رجالها الميدانيين. اعتقلته قوات الاحتلال عام 1989، وقضى 16 شهراً في سجون الاحتلال بتهمة العمل في الجهاز العسكري لـ«حماس»، الذي أسّسه الشيخ الشهيد صلاح شحادة.
مع خروجه من الاعتقال، كانت كتائب عز الدين القسّام قد بدأت تظهر بشكلها العسكري، وكان ضيف في طليعة العاملين فيها مع الشهيد ياسر النمروطي وإبراهيم وادي.
خطورته على العدو، جعلت من اعتقاله جزءاً من صفقة بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني تنص على قيام البسلطة باعتقاله، مقابل أن تعطيها اسرائيل سيطرة أمنية على ثلاث قرى في القدس المحتلة. وبناء عليه، اعتقلته السلطة في بداية شهر أيار 2000، لكنّه تمكن من الإفلات من سجانيه في بداية الانتفاضة الثانية، واختفت آثاره منذ ذلك اليوم. وخلال فترة ملاحقة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية (ما بين 1995 وحتى نهاية 2000) لكوادر «حماس»، رفض الضيف بشدة التصدي لقوى الأمن الفلسطينية. حتى أنه سلم نفسه بكل هدوء لجهاز الأمن الوقائي.
برز دوره كقيادي للكتائب القسامية بعد استشهاد القائد الشهيد عماد عقل عام 1993، وساهم في تأسيس جناح لحركة «حماس» في الضفة الغربية.
من العمليات التي أشرف عليها، عملية أسر الجندي نخشون فاكسمان، إضافة الى سلسلة العمليات الاستشهادية انتقاماً للشهيد يحيى عياش بداية عام 1996 والعمليات التي نفذتها القسام تحت قيادته خلال انتفاضة الأقصى منذ نهاية أيلول 2000 والتي أسفرت عن مقتل مئات الإسرائيليين.
تعرض ضيف لخمس محاولات. ويُقال إنه خسر عينه في إحدى المحاولات، وتعرض للشلل في عملية أخرى.
وعن تطوير الأسلحة من قبل القسام، يقول ضيف، في مقابلة عام 2005، إن «أول محاولة لتطوير السلاح كانت في أواخر عام 1991، لعمل مسدس من نوع «ستار» محلي، لكن لم تكن المحاولة ناجحة»، مشيراً الى انه مع قدوم أبو بلال الغول في 1994، استُثمرت خبرته بشكل كبير، وفي بداية 1995، أتى يحيى عياش، فبات هناك ثلاثي مكون من الغول وضيف وعياش لتطوير الترسانة العسكرية لدى القسام. فصنعوا القنابل وصواريخ «القسام» و«البتار» والعبوات الجانبية والصحنية والعدسية والانتشارية.
ضيف من مواليد خان يونس عام 1965 لأسرة فقيرة، يعود أصلها الى بلدة القبيبة داخل فلسطين المحتلة عام 1948. ترعرع وسط عائلة فقيرة، ما اضطره الى الخروج للعمل في سن مبكرة، لكن لم يتخل عن دراسته.
يقول عنه من عرفه إنه شخص طيب القلب وإنساني لا يتوانى عن مساعدة الغير، ربما يعود ذلك الى تدينه، فلقد كان من رواد المساجد في القطاع بشكل منتظم، الى أن أصبح من قيادات النشاط الدعوي.
مَن عَرف الضيف، لا يتخيله قائداً عسكرياً جباراً يهزّ أركان أقوى اسرائيل ويبث الذعر في صفوف جنودها. فضيف الشاب، هو ذلك الوديع والرقيق، يتمتع بخفة ظل وروح دعابة. إنسانٌ بسيط وهادئ ومتزن، لكنّه يميل الى الانطوائية وهو صبور جداً.
أما الصفة اللافتة في شخصيته فهي الفن. فكان فناناً مسرحياً. هو أول من ساهم في إنشاء أول فرقة فنية إسلامية وتدعى «العائدون». واستقى لقبه أبو خالد من إحدى المسرحيات التي أداها وتدعى «المهرج»، لعب فيها دور شخصية تاريخية عاشت خلال الفترة ما بين العصرين الأموي والعباسي.
استطاع ضيف خلال السنوات الماضية هزيمة الاستخبارات “الاسرائيلية”، حيث بات لا يظهر على راداراتها بالمطلق، على حد وصف موقع “ميدا” العبري.
وأشار الموقع إلى أن وسائل التمويه والاختفاء التي ينتهجها قادة المقاومة وعلى رأسهم ضيف نجحت في تفادي أعين المخابرات الاسرائيلية.
ولفت “ميدا” إلى أن هناك العديد من فنّيي التمويه على مستوى عالٍ في التنظيمات الفلسطينية الذين ينجحون في تفادي أعين المخابرات الإسرائيلية، وأحدهم هو المطلوب رقم 1 في قطاع غزة، محمد الضيف، أحد الذين دشّنوا خطّ الإنتاج لدى حماس وهو خبير ومخطط لعمليات كبرى.
واشار إلى أن الضيف نجا بصعوبة من محاولات اغتيال كثيرة، إلا أنه يختفي بعدها تماماً عن رادارات الاستخبارات الاسرائيلية، ولا يظهر إلا من خلال تسجيلات صوتية ينشرها للإعلام منذ بضع سنوات.
كما خصصت إذاعة جيش الاحتلال أحد أهم برامجها للحديث عن شخصية ضبف ووصفته بـ"وزير الدفاع في غزة".
وخلال برنامج "قطاع الأمن"زعمت الإذاعة أن قصف تل أبيب والمناطق التابعة لحيفا قرار صادق عليه "الضيف" شخصياً، مضيفةً: "قصف تل أبيب حلم كان يرواد محمد الضيف قبل اندلاع الانتفاضة الثانية طبقاً لمحاضر تحقيق مع مساعدي الضيف اعتقلهم جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني عام 1998 عندما كان يقوده العقيد محمد دحلان".
ومضت الإذاعة تقول "حساب طويل لتل أبيب في ذمة محمد الضيف، عشرات القتلى سقطوا في الهجمات الانتحارية التي نظمها مبعوثه إلى الضفة الغربية حسن سلامة انتقاماً لمقتل المهندس يحيى عياش".
واستدركت الاذاعة لتروي قصة أحد أحلام الضيف التي لم تتحقق في تل أبيب "محمد الضيف أدمى تل أبيب مراراً، وحوّل شوراعها لحمامات دم، ولكن أحد احلامه تبدد في اللحظة الاخيرة بفضل معلومات قدمها الأمن الوقائي الفلسطيني عام 1998، أدت لإحباط مخطط لتفجير مقر شركة سلكوم التي كان يديرها يعقوب بيري الذي خطط عملية اغتيال المهندس عياش عندما كان رئيسا لجهاز الشاباك".
وبحسب الاذاعة فإن محمد الضيف شخصية كارزماتية، يملك طول نفس نادر، ويتحلى بصفات قيادية، وقدرات كبيرة على التخفي، وتضيف: "محمد الضيف المطلوب الأول لإسرائيل منذ الانتفاضة الأولى، ونجا من عدة محاولات اغتيال، وتمكن من قيادة الجهاز العسكري لحماس إلى بر الأمان خلال أصعب فترة في تاريخه في الفترة التي تلت دخول السلطة الفلسطينة إلى قطاع غزة".
وختمت الاذاعة، بوصف مشاعر الضيف بعد ضرب المناطق التابعة لمدنية حيفا متوقعة أنه فرك أصابعه وبدأ بالتفكير بتحقيق حلم تحويل الصورايخ إلى صواريخ أكثر دقة.
من جانبها، سلّطت صحيفة معاريف الاسرائيلية الضوء على محمد الضيف، ووصفته بأنه الرجل الذي أتعب إسرائيل ونجا من عدة محاولات اغتيال ولا تعرف اسرائيل له طريقاً.
وتقول الصحيفة ان الرجل "الضيف" يستخدم كرسي مقعدين -كرسي متحرك- وعلى الرغم من ذلك فقد لاحق اسرائيل بالصناعات الصاروخية ويقاتل رجاله الجنود الاسرائيليين على الحدود.
تقول الصحيفة: "هذا الرجل ذو الكرسي المتحرك يقود كتائب عز الدين القسام والمسلحين الفلسطينيين، ويقف خلف الاستراتيحية الحديدة لحركة حماس في الحرب الدائرة على غزة. ومن هذه الاستراتيجية، هجمات صاروخية واسعة بكل قوة وبكل مكان حاى وصلت الصواريخ إلى تل أبيب وحيفا، وعمليات حربية مثل إرسال الطائرات بدون طيار، وإرسال فرق الكوماندوز البحري، والتسلل عبر الأنفاق لتحقيق عنصر المفاجئة".
ختاماً.. فإن محمد ضيف يُسمى "قط بسبعة أرواح" في أوساط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، حسب معاريف العبرية.
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق